الحلقة الثانية عشر (ابراهيم رزق)

مقبرة الأحلام

كيلو بامية
خرج عبد الرحيم من ميدان التحرير تتقاذفه الذكريات تلح عليه اغنية عبد الحليم حافظ ميتى اشوفك  يا غايب عن عينى و حشانى الغربة و الله و بعادك عن عينى كانما كتبت عليه الغربة و البعد عن الحبيبة  زادت غربته على غربته ايام الدراسة فى الجامعة فهو من بلدة صغيرة  فى نقادة بقنا ابيه مزارع بسيط و لكنه حرص على تعليمه رغم قلة دخله اثرت الطبيعة الموجودة بالصعيد على ملامحه اكتسب سمار الوجه من اشعة الشمس و الطول الفارع من النخيل و النحافة من عيدان القصب ذهب الى اسيوط ليتلقى تعليمه تعرف اثناء ذهابه على فتاة من بلدته اسمها طاهرة فتاة لونها بلون سنابل القمح تشع بهجة على من حولها خفق قلبه لها من الوهلة الاولى تعرف عليها تبادلوا النظرات و لكن طبقا لتقاليد الصعيد لم يستطع البوح عن ما يكن به قلبه لكن تبادلت عيونهم الحديث الهامس  و تناقلت قلوبهم  قصائد عشق تتخطى ما ابدعه عنتر بن شداد و نزار القبانى و فاروق جويدة  بمجرد تخرجه سارع بالتقدم لها وافق اهلها فهو من المشهود له فى البلدة هو و والده بالسمعة الحسنة لم يطلبوا الكثير لم يطلبوا شبكة او مهر فقط طلبوا ما يستر بنتهم شقة بسيطة مجهزة باثاث بسيط حاول الحصول على عمل و لكن من اين ياتى بالعمل فى محافظة بعيدة نائية الارض الزراعية بها محدودة و المصانع محدودة تكاد تنحصر فى مصنعين من يعمل بهم يصبح من علية القوم بمحافظته احلامه كثيرة و بسيطة و لكن يده مغلولة يريد ان يقترب ممن يحبها و لكن اصبح مكتوبا عليه انه لكى يقترب يجب عليه ان يبعد و يغترب و لم يكن امامه خيار سوى الرحيل الى القاهرة

شد عبد الرحيم رحاله الى القاهرة ناسيا احلامه و مؤهله لا يتذكر سوى هدفا واحدا هو شقة صغيرة تجمعه على من يحب اتصل باحد اقاربه يعمل بالعاشر من رمضان قابله و الحقه بعمل باحدى شركات المقاولات عمل شاق جدا و رغم انه صعيدى الا انه لم يستطع التاقلم على العمل الشاق لانه طوال حياته كان يدرس و لم يتمرن على تلك الاعمال  فاضطر الى الانتقال الى العمل بمخازن الشركة بمرتب اقل يكاد يصل الى النصف تقبل عبد الرحيم العمل و لكن الايام تمر دون بصيص من الامل و قاطرة الحياة تسير دون ان تصل الى  تحقيق الحلم بل كادت ان تنتهى من محطاتها  كم تمنى و هو جالس فى حجرته المشتركة بالقاهرة ان يختلس بعض النظرات من عين حبيبته ان يربت على كتفه والده بيده الحانية ان يتبادل الضحك و القفشات مع اصدقائه بالبلدة وهم يجلسون على ضوء القمر على راس الحقول يمصون القصب ان يرتمى فى حضن والدته كم يشتاق لتعد له طاجن ساخن به ثلاث بيضات مع رغيف من الخبز الشمسى
او تتصاعد احلامه فيحلم  بطبق من الويكا بجانبه قطعة لحم او طبق سخينة يا لها من غربة يا لها من انياب تأكل احلى سنوات عمره و تفترس احلامه
 لطالما حلمت بكى يا قاهرة و حلمت باضوائك المبهرة و بليلك الجميل حلمت ان امشى انا و طاهرة على النيل تخيلت ان النيل هنا يختلف عن النيل بقنا حلمت ان اذهب الى سينما ان اسير انا و طاهرة فى وسط القاهرة نشاهد المحلات و اشترى لها ملابس فستان و معطف ثمين تتباهى به و بى فى البلدة  ما اصعبها احلام حتى عندما قامت الثورة لم استطيع ان اشارك من اين لى بالوقت البحث عن الحرية ام البحث عن لقمة العيش و الستر يا لها من معادلة صعبة تكاد تتساوى او تميل الى الطرف الثانى لكن استطعت ان اختلس ساعات قليلة  و النزول الى التحرير مجرد شعور بالتنفس بانى مازلت احيا ما اقسى ان تعيش على هامش الحياة بجدار سميك يعزلك عن احلامك البسيطة يكمم فمك و يصم اذنك و يسد انفك و يضحك عليك و يسخر منك بمحاولة اقناعك انك تحيا

و بينما تتدافع الذكريات اليه وجد معطفا ملقى على الارض يا له من معطف جميل كم حلمت ان اهدى معطفا الى طاهرة ستفرح به كثيرا سترقص من الفرح احتضن المعطف و سرح بخياله شاهدها و هى ترتديه انها اجمل فتاة فى عيونه و لكن اه من لكن باى وجه سيهديها معطفا و هو لم يتقدم قيد انملة فى طريقه لتجهيز الشقة كيف ستنظر اليه ايهما تحلم و تنتظر  تنتظر معطفا ثمينا ام تنتظر غرفة صغيرة تضمهم هل هذا كثير مشى بعينيه شاردا ناظرا الى السماء مبتعدا عن النيل بينما المعطف يتسرب من بين اصابعه و يسقط على الارض دون ان يشعر مثلما تتسرب منه الحياة رويدا رويدا

الحلقة الحادية عشر (ابراهيم رزق)

الشاطر حسن و ست الحسن والجمال

بعد خطاب التنحى طار حسن من الفرحة و احتضن كل من يقابله احضان حميمية دون ان يرى وجوههم لكنه يعرفهم من رائحة عرقهم التى طالما اذكت انفه طوال ايام الثورة يعرفهم من صدق مشاعرهم يعرفهم من كسرات الخبز التى اقتسمها معهم بعد قليل تغيرت اشكال الوجوه وجوه سعيدة جاءت لتحتفل و لكنها ليست تلك الوجوه التى القى براسه بجانبها و هم يتلحفون السماء احس فجاة انه يشتاق الى حضن امه تذكر انه لم يشتاق طوال المدة التى قضاها فى التحرير الى حضنها رغم تعلقه المرضى بها ربما لانه كان فى احضان ام اكبر رجع الى منزله فتح الباب فوجد امه تجلس على سجادة صلاتها تناجى ربها ركع بجوارها و بعد ان انهت صلاتها و تسليمها وجدت نفسها بين احضانه اه يا حسن كيف اتيت بهذه القسوة لماذا لم ترحم مشاعرى لم تكن ابدا قاسيا لكن بمثل ما ادميت شريان قلبى بمثل ما اعدت الدماء الى عروقى فخرا و فرحا بك

دخل حسن الى الحمام ليستحم و لكنه وقف برهة لا يريد ان يستحم يريد ان يحنفظ بغبار التحرير الذى يحيط بوجهه بحيث يكاد ان يغطيه يريد ان يحتفظ برائحة عرقه التى اختلطت برائحة رفقاء الدرب لكنه فى النهاية استسلم لقطرات المياه التى نزلت على جسمه كانها تزيل ذكريات من احلى ذكرياته
خرج من الحمام وجد امه قد اعدت له الطعام كم اشتاق لطعام امه رغم بساطته كم اشتاق لكوب شاى كم اشتاق لصينية كنافة عادية و لكنها فى فمه اجمل و فى عينه افخر من كل الحلويات السويسرية والفرنسية تناول طعامه بنهم ثم دخل الى غرفته
القى بجسمه على السرير والقت الذكريات ثقلها عليه  هو لم يقصر طوال حياته عاش مجتهدا منذ طفولته و هو يعمل بجانب تعلمه يعطف على الكبير و الصغير متفوق من اوائل الثانوية العامة كان امامه كل كليات القمة و لكنه اختار كلية العلوم حلمه الذى كان يحلم به تفوق بها و بعد تخرجه رتب نفسه على تعينه معيدا بها و لكنه نسى فى نشوة حلمه ان الكلية التى تعلم بها ورثت كما ورث كل شىء بمصر جاءوا بمعيد من احدى الجامعات الخاصة عن طريق التعيين ابن احد المهمين بالكلية استسلم لواقعه فهو مسالم لاقصى درجة و حاول ان يتعين فى احد المراكز البحثية لتخصصه لكنه لم يستطع لانه انسان بسيط ابن رجل بسيط يعيش فى منطقة شعبية و عين من نجح بمقبول لم يستسلم للاحباط حاول ان يكمل دراسته بنفسه و لكن من اين سياتى بمصاريف الكتب و المراجع و مصاريف التقدم للدراسة يكفى ابيه وصوله الى هذه المرحلة لم يعد يتحمل نظرات الشفقة من ابيه كانها احجار تصيبه دون ان تنزف  دما لم يعد يتحمل نظرات من خفق قلبه بها اسر ان يضحى بحبيبته و لكن كيف ان يضحى بابيه 
لذلك مع بداية الثورة بدء الحلم فى العودة اليه الحلم بست الحسن و الجمال الحلم بوطن يسكن به و يسكن بداخله الحلم بحبيبة يسكن لها و تسكن له الحلم بأب يستند عليه و يستند به الحلم الاكبر بام تحتضنه لذلك نزل الى الثورة و كان شعاره لا نجوت أن نجا لا نجوت أن نجا الحلم امامه يكاد ان تمسكه انامله لذلك استدعى كل شموخه و عزته و نضاله من اجل القبض على الحلم الهارب الذى ظن انه لقى مصرعه اثناء هروبه ولم يعد يحلم به لانه احس انه قضبان يسجن خلفها بدلا من طائر يطير به اصبح قيودا تقيده بدلا من طاقة تدفعه اصبح احزان تخنقه بدلا من فرحة تسعد فلبه

انقطع حسن عن التحرير فترة من الزمن جلس امام التلفزيون يشاهد وجوها تتكلم عن الثورة لم يشاهدها فى التحرير ابدا ربما مرت مرة او جاءت بزيارة عابرة لكنها لم تفترش الارض لم تتعرض للموت لم تفقد عينها او كسرت قدمها يا الله من يتحدث عن من لم يذكر احد حسن او من نام بجانبى لم يحمل احد منهم شهيد او مصاب و اختلط دماءه بدمه لم يشاهد الاطباء و الطبيبات الذين كانوا يعملون داخل اخيام تمنى من شدة اهتمامهم بالمرضى ان تصبح كل مستشفيات مصر من الخيام لم يشاهد و لم يشاهد و لم يشاهد

فكر حسن فى العودة الى التحرير لعله يلتقى ببعض الاشياء التى افتقدها  احس بالغربة من الوهلة الاولى  يا الله اهذا هو التحرير الذى تركته ما هذا الذى اشاهده هناك باعة يبيعون كبدة و سمين و سجائر و اعلام و كشرى و بوسترات و قمصان و تمر هندى و عرقسوس و مياه غازية
و هناك باعة يبيعون الوهم و النصب و الكلام و يشترون مصالح شخصية و مكاسب اعلامية على حساب دم الشهداء شاهد من يرفعون المصحف و شاهد من يمسك بصليب كل هذا المشاهد لم يكن يشاهدها زادت غربته نظر الى السماء هل هذه السماء التى تلفحت بها اين الوجوه التى اعرفها اين الرائحة التى احبها لم يستطع حسن الوقوف اكثر من ذلك فهم فى الرحيل لكنه افاق على صوت يناديه حسن التفت الى الصوت الذى يناديه وجده امامه
يقول له الا تصدق انى امامك انا اقف امامك منذ فترة طويلة انظر الى عينيك واراك تبحث عنى مع انى اقف امامك
نظر حسن لها و قال كنتى حلمى و الان لم تعودى حلمى  
قالت له ما الذى تغير فى يا حسن
قال اصبحتى ترتدين معطفا غاليا لم يكن حلمى ان ترتديه فى يوم من الايام  و لااستطيع ان اشتريه و اصبح يغطى  وجهك كثير من المساحيق التى تخفى ملامحك التى تعودت عليها و تزيد من غربتى احس بالحواجز ترتفع بينى و بينك لدرجة انى اكاد لا اعرفك مع أن وجهك كان رفيقى و خليلى و نديمى طوال السنوات الماضية ليتك تركتينى مع صورتك القديمة لعللها تؤنسنى فى غربتى حتى تلك الصورة حرمت منها لم تعودى حلمى البسيط
تركها و خرج خارج الميدان يترجل بجوار النيل فوجىء بيد تمسك بيده نظر لها وابتسم لها و ابتسمت له لقد تخلصت من المعطف و غسلت و جهها من المساحيق اصبحت فى عينيه ست الحسن و الجمال مشى معها ينظرون الى النيل  يكادوا يلقوا انفسهم به من كثرة الشوق اليه لم يعد غيره شاهدا على قصتهم  تاركين المعطف ملقى خلفهم

الحلقة العاشرة (شيرين سامي)

معطف من التحرير

كانت تبحث عنه في كل مكان, القهوة البلدي التي تفترش آخر الحاره, المكتبه الصغيره التي تقع بالشارع الرئيسي, محل عصير القصب القريب, و كل شارع و حاره مرا بها سوياً و كل مكان جمعهما معاً علها تجده, بعد أن سألت عنه والدته التي لا تعرف عنه شيأً منذ أسابيع, هل عادت له بعد هذه الرحله الطويله المضنيه مع الحياه حتى لا تجده.


تجلس في المساء بين أسرتها الصغيره مرتدية احدى ثيابها القديمه محاولة أن تسترجع بعض من الحنان و الدفئ الذي إفتقدته في أعوامها الماضيه لا ينقصها الا أن تجده, ليس بدافع الحب تبحث عنه إنما بدافع الشغف جزء منها يشتاق لأن يراه و يسمعه , تتوق لأن تعرف أخباره و ما وصل له خلال سنوات زواجها و بعدها عن الحي, لكن ما أقساه القدر يأبى دائماً أن يلبي أمانينا عندما تكون في أوجّها فيزيد البعد و تطول الأيام و كأن الزمان و المكان قد تآمرا معه على إستعجال الإنسان.


حتى سمعت من صديقه أنه في ميدان التحرير منذ بدأ المظاهرات, يا إلهي و ما علاقته بالسياسه و المشاغبه أليس التحرير كما تسمع من التليفزيون المصري هو مرتع المخربين الهمج و الخائنين الذين باعوا أنفسهم لحساب منظمات معينه و الطامعين في السُلطه, ما علاقته هو بكل هذا ومع  أي فريق هو يا ترى, تقاذفت الأسئله في رأسها ليس لها من إجابات حتى قررت أن تبحث عنه هناك ليجاوبها بنفسه.


وقفت مشدوهه من الأعداد الغفيره التي لم تتخيل نفسها بينهم يوماً, هناك فتاه عشرينيه تفتش كل من تدخل الميدان هي و الكثير من الشباب و الفتايات وقفوا ينظموا الدخول ويتأكدوا من عدم وجود أي غرض قد يتسبب في أذى, إعتذرت لها الفتاه بشده و هي تفتشها و أخبرتها أنه من مصلحة المتظاهرين ألا يكون  بينهم أي مثير شغب, كانت مبهوره بالمكان الذي مرت به مئات المرات و لم تتخيل أبداً أن يكون بهذا المظهر الغريب الثائر.


هناك وقف الشباب , الرجال , الفتايات , الأمهات و الأطفال أيضاً يهتفون يضحكون يبكون و يتحدثوا بلسان واحد, حاولت أن تسأل عن (حسن) فردّ بعض الشباب الذين وقفوا لينظموا الوفود الآتيه للميدان " أتقصدين حسن المصري الذي وقف أمام السياره المدرعه بشجاعة الفرسان ليحمي المتظاهرين...إنه بطل بحق هو هنا منذ يوم 25 يناير يدافع و يناضل لكننا لا نعرف أين ممكن أن يكون الآن".

لمعت عيناها ببريق الحب, حب من نوع آخر حب مصريته و بسالته, طافت بالميدان لتجد البعض يتغنوا بحب مصر و بأحلامهم بالمستقبل و البعض يحاضر الناس و يشرح لهم أهمية الثوره و أهدافها في محاربة الفساد لآخر نفس, وجدت رجال دين يشجعوا الناس على الصمود و الصبر و الثوره على الظلم, رأت الكل يهتف و ينادي بإسقاط نظام ظالم فاسد جائر على الحقوق الانسانيه و السياسيه, سمعت بأن الخيام المنصوبه تحوي كل أطياف الثوار أطباء, محامين, مثقفين , موظفين, و رجال شرطه و جيش أيضاً في سريه تامه,  بدأت مراوح عقلها تدور لتطرد الهواء الساكن و تبدله بنسمات جديده من حرية من نوع خاص لم تعرفها من قبل بل و لم تهتم أن تعرفها.

سألت بعض المتظاهرين عن (حسن) فرّدوا عليها " أتقصدين حسن المصري الذي ألقى بنفسه على عساكر الأمن دون إكتراث بقوتهم و تسلحهم ليثبت لهم أنه لا يخافهم و أنه الأقوى بإيمانه...إنه معنا منذ أول يوم لكن لا نعرف أين هو الآن", و لكن من أين أتى حسن بكل هذه القوه و لماذا إختار طريق الثوره إنها لا تذكر أنه كان ينتمي لأي تيار سياسي أو أنه حتى كان يهتم بالسياسه و أحاديثها, إنها مُصره على أن تجده و تسمع منه.

أمهات يحملن صور أبناءهن الذين قُتلوا دون سبب سوى أنهم طالبوا بحق ضائع لأهل بلدهم, قتلوا لأنهم إختاروا عدم الصمت و الخروج عن الخوف, قتلوا و صدورهم عاريه جريئه في وجه قاتلهم, قتلوا لأنهم لم يريدوا أن تظل مصر على هامش العالم, قتلوا لأنهم إعترضوا على أن يظلوا منهوبين مسروقين و ربما لأنهم أرادوا أن يشعروا بآدميتهم و حقهم في حياة شريفه هادئه هكذا تقول الحكايات و الحقائق التي كانت غائبه عنها و هي تجلس أمام شاشة التليفزيون أو بين دكاكين الملابس و الديكور و العطور.

أين حسن الشاب المصري الأسمر الجسور الضعيف في مشاعره القوي في مواجهته, حسن ذا القلب الميت في دفاعه عن بلده و النابض في حبه لها " رأيت حسن المصري يواجه عساكر الأمن و يلقي قنابلهم بعيداً كي لا تصيبنا" " حسن المصري رأيته و هو يحمل الجرحى للمستشفيات الميدانيه" " وجدته في يوم الأربعاء الدامي و هو يتصدى للمعتدين بيديه خاليتين يسقطهم كما يسقط الحق الباطل" " هذا الشاب المصري يقف طوال الليل يحمي المتحف المصري أكثر من حمايته لمنزله أو حتى لحياته"  " نعم رأيت حسن وسط الميدان يهتف بأعلى صوت و نحن نردد"...



أنزل الليل ستائره دون أن تشعر, قامت لتصلي في دائرة كبيره من مئات الدوائر التي إصطفت بالميدان لتُصلي في مشهد مهيب تقف عنده الألسنه و الأقلام فاقدة التعبير, و أحاط المصلين الشباب القبطي بسواعد من حديد ليحموهم من أي إعتداء متوقع في مشهد يسجله التاريخ بكل إعتزاز و فخر, باتت ليلتها في أحضان الميدان تسمع الحكاوى و الأشعار الحلمنتيشيه و الفصحى و العاميه, تسمع الحوارات السياسيه و إسقاطتها الإجتماعيه, تضحك على النكات الساخره هنا و تدمع على حكايا الشهداء هناك, تشاهد العروض المسرحية و أغاني الجاز و تستمع لنغمات العود, و تنصت للخطب و العظات الدينيه, الكل في حالة من الحب و المؤازرة التسامح و لأول مره تعرف معنى (المواطنه).

أدركت أيضاً لماذا أتى حسن هنا, أتى بعد أن تخرج ليجد نفسه عاطلاً لسنوات ثم عاملاً بمقابل لا يتناسب مع نصف رجل, لم يستطع أن يحملها لبيته و لم يخدعها بمعسول الكلام فتركها لمن هو أقدر منه, عاش عمره يحلم و لايحقق الأحلام حتى بات لا يحلم, يعيش ليسخر و يتذمر حتى يموت, طعامه مسمم ماءه ملوث, خبزه ملطخ بالذل, كرامته مفقوده, أمه مريضه دون علاج و أخته عروسه دون زوج, و شهادته ورقه دون معنى, لهذا ثار حسن.

يا أهل الميدان أين حسن؟ " رأيته هناك يوزع البقسماط و كسرات من الخبز للجوعى" " حسن المصري يضمد الجرحى يهون عليهم و يحمل لهم الدواء" " ربما هو حسن الذي يعد أهالي الشهداء بأنه لن يضيع حقهم حتى لو كلفه الأمر حياته" " حسن المصري إنه يشبه أحد الشهداء, المبتسم ,الذي لم يتعرف عليه أحد" " أو هو هناك يقبض على لصوص و بلطجية يثيروا الرعب في قلوب الناس".

الشاشه الكبيره تنبأ بخطاب رئاسي, الملايين تترقب إنه خطاب التخلي إنه سقوط النظام, الألوف خروا ساجدين شكراً لله الزغاريد و الفرح في كل شبر من الأرض الميدان يتزلل من الفرحه العارمه...تبحث هي بين فرحتها عن حسن, تظل لا تجده, تقضي الليل مع الثوار تنظف المكان و تدهن الأرصفه و تقلم الأشجار كي يعود أجمل مما كان و تبدأ مصر عهد جديد مشرق.

شعرت أنها أصبحت جزء من هذا المكان روحها تغيرت و كأنها ولدت مره أخرى أو كأن شعلة أوقدت داخلها تنير لها طريقاً من التغيير, لا ينقصها سوى أن تجد حسن لتسأله و تسمعه و تحكي له , شيأّ مكوم قريب منها ظهر عندما بدأ الميدان يخلو, إقتربت أكثر يبدو أنه شئ مألوف, إنه معطفها الذي خلعته عنها منذ أيام و تخلصت منه و من قيوده,و قبل أن تفكر في كيفية عثورها عليه أدركت أنها لن ترى حسن ثانيةً.

الكل يتحرك ذاهباً لبيته و أهله و ناسه و هي وحيده داخلها ساكن و هادئ كالهدوء الذي ينعم به الأصم وسط الزحام, تحسست المعطف شعرت أنه محمل بالهموم البشريه و المشاعر الانسانيه ملمسه الناعم و طلته الفخمه تغيرت و لكنه ظل محافظاً على كونه قطعه ثمينه تزيد قيمتها مع الوقت, رأت بين ثناياه شعاع خافت و كأن الميدان قد ترك به نفس الأثر الذي تركه بها, أيقنت أنها حتى وان لم تستطع أن تغير ماضيها فعليها أن تغير المستقبل , إرتدته و ذهبت لحياتها القديمه سيكون معطفها درباً من الحريه بعيداً عن القيود.


الحلقة التاسعة (مصطفى سيف)

السندريلا والأميرة النائمة
 
 
محتضنا المعطف كطفل صغير يحمل دميته ويخاف ان ياخذها منه احد لقد وجد سعادته مع ذلك المعطف وبه ينظر بين الوجوه في الميدان باحثا عن سندريلا التي نست معطفها وهربت قبل بزوغ الفجر
ينظر الى العيون ويلمس نبض القلوب حتى يصل اليها
أين انتي؟
من أنتي ؟
بين كل تلك الملايين المنتشرة في ارجاء الميدان  يناديها
وبينما يبحث وينظر ويتدقق شعر انه مراقب نعم ذلك الشعور حين ينظر اليك شخص ما نظرات مباشرة لا يرفع عينيه عنك
عيناه كأنها كشافين نور يسلطهما على وجهك فتغشى عيناك ولا ترى وهو ممن يكرهون ان تسلط عليه الاضواء فالكاتب دوما يتوارى خلف الكواليس تاركا الشهرة والاضواء لابطال قصته
 هاملت عطيل مكبث ربما يكونون اشهر من شكسبير فنحن نعرف قصصهم وتاريخ حياتهم بينما يندر ما نعرفه عن حياة شكسبير لذلك هو يتوارى ويخاف من الاضواء 
نظر الى مراقبه اذ هي فتاة باهرة الجمال تراقبه شعر بالحيرة فتقدم نحوها قال لها : هل هذا المعطف لك؟
صمتت لم تنبس بشفة تعجب هو لماذا تنظر الي هكذا هل هناك شيء لا يروقها
كرر عليها السؤال فصمتت واومأت فقط برأسها وضع  المعطف بين يديها
وبدا حديث القلوب الصامت حديث لا تنطقه الشفاه
- نعم انه انت .
انه انت من بحثت عنه طيلة الاعوام الماضية من انتظرته ليحملني على فرسه الابيض ويطير بي بعيدا الى عالم آخر عالم عشت فيه اعواما واعواما  لقد انتظرتك ثلاثين عاما هي فترة حياتي على تلك الارض رسمت لك صورا في خيالي ربما كانت صورتك في خيالي اجمل منك الآن لكن قلبي يحدثني انه انت من انتظرتك انه انت من ملك قلبي وعقلي من قبل ان اعرفه او اراه انت من عشت معه مراهقتي وصباي انت من غنيت له اغاني عبد الحليم و فيروز
الا تتذكر حين اردت ان استنشق رائحة البحر فحملتني على بساطك السحري وطرت بي بعيدا حيث الشاطىء
الا تتذكر خمائل الورود التي نحتنا عليها قلوبا وتعاهدنا الا نتباعد؟
اما تتذكر حين سألتك متى ستحملني وتاسرني داخل عالمك فلا اعود لعالمي فلم تجبني
- بالتأكيد لستي انتي 
لستي انتي من اقتحمت حياتي بالامس لتضخ الدماء في عروقي وتنبئني انني ما زلت احيا على تلك الارض لست انتي من أسرتني في تلك البقعة بين الادراك واللا ادراك لستي انتي من جعلت الشموس تدور لها والبلابل تغرد لها وصنعت شخصيات عديدة  فقط كي ارسم لها السعادة
انك جميلة حقا ولكنك لستي انتي قلبي اسير امرأة لم ارها رسمتها وصنعتها من الكمال فدبت بها الحياة وحين اشتد عودها اسرتني وهربت كالسندريلا قبل بزوغ الفجر
-----------
كانت هائمة حالمة تنظر فقط الى عينيه تستجديه ان يحملها بعيدا على صهوة جواده
كان حزينا عيناه لا مبالية بنظراتها فصاحبة المعطف ليست السندريلا التي يظنها و ها هو يعود الآن بلا معطف وبدونها بحسرة العالم يدور على عقبيه مبتعدا لم يرى نظرات الهلع على وجهها وهي تراقبه يبتعد
أمعقول بعد كل ذلك الانتظار تبتعد هكذا؟ لقد انتظرتك طويلا يا فارسي ويا اميري
ناديتك طويلا في عالم الارواح قلت لك انا اسيرتك وحبيبتك ودميتك انا انت الم تسمعني؟
لقد ظننتك سمعتني فاتيتني لتنتشلني فكيف تتركني هكذا
هل انا نائمة ولم ارك حقيقة ام كنت حالمة رأيتك فاستيقظت على نظراتك اللامبالية بحالي
آآآآآآه يا قلبي عشت اعواما تنتظر من لا يأتي ومن ليس له وجود
الهتافات تعلو في الميدان (الشعب يريد اسقاط النظام)
النظام الذي تحكم بها اعواما طويلة كانت لحظات السعادة في تلك الاعوام هي فقط الاحلام احلام اليقظة واحلام النوم كلها كانت ملك فارسها الذي يأخذها على صهوة جواده ويطير بين السحاب يجرون بين النجمات يجلسون على سطح القمر يضحكون يتغامزون ينتشلون من الواقع المرير لحظات المرح
ظلت كالأميرة النائمة احلامها فقط هي ما تبقيها حية كانت الاحلام زادها وقوتها وتنتظر فارسها المغوار الذي يتخطي الاسوار لينتزعها من احلامها الى واقعها السعيد لكن حين اتى فارسها نظر اليها بلا مبالاة وتركها وحيدة تصارع الواقع والنوم تصارع الحياة والموت وحدها فيالحسرتها
الشعب يريد اسقاط النظام
نعم حان الموعد يا دموعي ان تتوقفي وان اثور عليك يا حلمي لن اصبح اسيرتك وها هو معطفك الذي من الممكن ان يكون ذكراك الوحيدة سألقيه على جنبات الميدان حتى امحو ذاكرتك واستقبل حياتي بدونك
وبالفعل القت المعطف على جنبات الطريق وعادت الى الجموع هاتفة : ارحل ارحل
بينما هو كان يبحث عن زهرته السندريلا في ميدان غني بالزهور لكن هل لها وجود قد صنعها من الكمال فالكاتب دوما يبحث عن الكمال والجمال اللانهائي
 لكن شيء ما في عينيها لا يدعه يفكر في سواها فكشافات الضوء قد تبهر عينيك في البداية وتغشيهما ولكن بعد بعض الوقت تتعود فترى الصورة اوضح لذلك تملكه احساس العودة اليها فعاد ادراجه اليها
نظر اليها قائلا : اين المعطف
- تخلصت منه فهو ليس لي
- لكنك قلتي هو لك
-نعم ظننت ذلك لكن فارس الاحلام لا يوجد الا في الحكايات فانا الاميرة النائمة التي انتظرت فارسها يوقظها من نومها
تعجب من اجاباتها لكنه وجد نفسه يقول :السندريلا ايضا لا توجد الا في الحكايات
فابتسمت قائلة : اذا لماذا لا نصنع حكايتنا بانفسنا؟
حين قالت ذلك لم يستطع ان يمنع نفسه من التمعن في عينيها لقد تحولت كشافات النور الى بحور عميقة بحور بلا شطئان بحور تغرق من يريد ان يسبح فيها رأى في عينيها كل قصصه ورواياته رأى كل بطلاته اللائي كان يزيل لهن كل صعب
بل رأى نفسه التي كان لا يعرفها اين كنتي طوال الاعوام الماضية واين كنت طوال السنين
ابتسم: نعم لنصنع حكايتنا
الهتافات تتردد في الميدان (اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر )
نظر حوله  ليرى العديد من السندريلا اللاتي قررن التمرد على زوجات ابائهن الطغاة الفاسدين وراى العديد من الاميرات النائمات اللاتي قررن الاستيقاظ من غفوتهن لينقذن ما تبقى من واقعهن ورأى العديد من فوارس الاحلام يشرعون في حمل حبيباتهم على صهوة افراسهم ويطيرون بها بعيدا الى عالم الاحلام
نعم لنصنع حكايتنا هكذا قالت له وهكذا فهم وعرف لماذا دخل المعطف حياته ؟
دخل المعطف حياته ليعرف ان له قلبا مازالت له القدرة على النبض وعقل مازالت له القدرة على صنع الحكايات وروح مازالت لها القدرة ان تجد وليفها
لذلك اخذها على صهوة جواده وطار بها عاليا محلقا في سماء الحرية متحديا قوانين الطبيعة فهي معه وبها يستطيع ان يصنع حكاية جديدة سعيدة حكاية ميدان و حلم وحرية
بينما هي عندما القت المعطف وتمردت على احلامها لم تكن تعلم انها ستحوذ على فارسها وحلمها مرة اخرى لتصنع حكاية جديدة حكاية كتبها قلبين وروحين واحلام عديدة

الحلقة الثامنة (Hu_man)

 مــعـــطـــف مـــن نـــوع آخــــر
 
 
كأنه صادق حانات وكؤوس النسيان , يعود كل ليلة إلى غرفته المعتمة التي عششت في جوانبها خيوط العنكبوت , كروحه تماما , تجد الكتب المتراصة كأنها تجذب الغريب أن يرفعها , ينفخ الأتربة من فوق الغلاف , ويقلب بين الصفحات التي ما أن يفتحها , تهاجمه رائحة الأوراق العتيقة , الأوراق الصفراء الشاحبة التي تاهت بين سطورها الكلمات.
كاتب قصص , نعم هو كاتب قصص وحكايات , يعشق البوح , يعشق أن يخلق أبطاله ويزج بهم في أحداث تحركهم وتدفعهم دفعا, يتحكم بمصائرهم ويقرر سعادتهم وبؤسهم , أبطال على الورق , يشكلهم من الحروف والكلمات على هواه, هنا على مكتبه بين أقلامه وفي غرفته المنعزلة عن ضجيج الكون , يجلس بين أبطاله و يشعر أنه الآمر الناهي , هنا فقط وليس في أي مكان آخر.
بالتأكيد قصاصاته لا تأمن له خبزاً كافياً يقتات عليه , بل له وظيفة أخرى لايحبها ولا يحب ذكرها أبداً بين أصدقائه , قالوا يعمل  نادلاً في خمارة يقدم كؤوس شراب  , وقالوا يعمل في مكتبة عتيقة في مصر القديمة مع كهلٍ نساه الزمن , وقالوا يعمل مع طبيب للأمراض النفسية والعقلية كتمرجي , قالوا وقالوا كثيراً ولا أحد يعلم الحقيقة أين ؟ ... يستيقظ مع انسحاب آخر أشعة للشمس , ليبدأ رحلة ليلية يعود بعدها مع شمس الصباح ... وهكذا دواليك .
الإنسان كائن محبٌ للبوح ... عاشق ومتيم ومجذوبٌ بالحكايات حتى لو كانت أساطير وخرافات , ولكنها تومض أجزاءاً في سبات عميق , عندما تبدأ في سرد حكايتك , تجدهم قد أودعوا لديك أذانهم وخيالهم ... تتسارع نبضات قلوبهم عندما تقترب الأحداث من ذروتها , من اللحظات الفاصلة , تجدهم قد قدموا لك دموعهم تأثراً بشخوص في خيالك أنت , ولكنك كأنك تزرعها في خيالاتهم , لتجعل تلك الشخوص من لحم ودم , كأنك تصورها أمامهم وهم يمارسون حياتهم اليومية , هنا يجتمع أفراد أسرة يتناولون وجبتهم الآخيرة وهم لا يعلمون ذلك , وهنا فتاة في العشرين تقف خلف النافذة ولا تعلم أن حبيباً يطرق الأبواب الأن ,ليأخذها إلى عالم حلمت به منذ أمد , وهنا سائق عربة لا يعلم أنه سيعود إلى بيته ليجد زوجته تبشره بآمال تعاود من جديد .... لا تنتهي الحكايات , هي مستمرة بإستمرار الحياة , كأننا نعيش حكاية كبيرة نحن ننسجها ولا ندري , نعيشها ولا نعي ما تخبئه بين ثنايها , كأن تلك الحكايات نتوارثها كجينات داخل خلاينا من جيل إلى جيل إلى يوم الدين .
وضع القلم وآخذ يرسم في خياله تلك البطلة كأنها مركزاً لمجرة جديدة ولكنها على الورق , تدور في فلكها الأحداث والشموس والكواكب والأقمار والشخوص في دوران لامتناهي , فبعد أن كتب مقدمة بسيطة عن البوح والحكايات , آخذ في تشكيلها ونحتها كأنها تمثال لأفروديت أخرى , آخذت تتعاظم وتتعاظم حتى ......... طرق شديد على الباب , الساعة الأن تقارب السادسة صباحاً , من ياترى يطرق الباب في ذلك الوقت , قرر ألا يجيب , ولكن الطرق تزايد , قام في عصبية ليفتح الباب , ليجد صديقاً , يدخله مستفهماً عن سبب زيارته له في هذا الوقت المبكر ... كانت علامات الذعر والإنهاك ظاهرة على وجه صديقه , حاول أن يستفهم , وصديقه يشير له بيده أن ينتظر قليلاً حتى يسترد أنفاسه .........
وضع القلم مرة أخرى , ليست بداية موفقة , أحياناً تهرب منه الأحداث المتلاحقة كما لو كانت فرسه جامحة تطيح بفارسها ولجامه, إما ضعفاً من الفارس أو لجموح الفرسه , نعم لقد نحت تلك الشخصية الخرافية لإمرآة تدور في فلكها الأحداث والشخوص وتوقف عند ذلك الجرف لا يعرف أين يذهب ولا يعرف له سبيل , ينظر إلى الساعة التي قاربت منتصف الليل , يقرر النزول متجاهلاً كل مخاطر تلك الساعة , يرتدي معطفه القديم ويلف وشاحه المغبر , لا بأس من تمشية في شوارع وسط البلد الخالية الآن من المارة , عله يتصيد أفكاراً لحكايته الجديدة , كان يسمع من بعيد ضجة تحملها الرياح مصدرها ميدان واسع ورحيب يعج بالآلاف , لم يلتفت وآكمل طريقه , لم يشعر برغبة في التوجه الى هناك الى حيث اصدقاءه جميعاً , يتذكر تلك الليلة التي قرر فيها أن يبيت هناك , وطاردته الأسئلة كما لو كانت وحوشاً تنهش فيه , كانت النظرات تلتهمه التهاماً وتلقي به في قبو مظلم كالشارع الذي يسير فيه الآن , قطع تفكيره نحيب مكتوم يأتي من آخرالشارع , لم يتبين من أين , ولكنه تخيل أن شخص ما يجلس على الرصيف هناك في نهاية الشارع , لم يتبين ماهيته بسبب الظلام وربما بعد المسافة , آخذ يقترب في هدوء وهو يوقن أن مصدر الصوت ذلك الشخص , وما أن قطع نصف المسافة حتى وجد هذا الشخص, الذي تبين انه آمرأه تنهض بسرعة وتبتعد مسرعة مُخلفة وراءها شئ ما , كأنه طفل رضيع ..... أقترب أكثر وهو يسرع عله يحمل الطفل ويعطيه لأمه , حمل بين يديه ما كان يظن أنه طفلاً ... ولكنه تبين أنه ليس طفلاً ...أنه .. أنه معطفٌ مكوّم .
واضعاً المعطف الذي ظنه طفلاً تحت إبطه وصاعداً السلم إلى غرفته , وما ان دخل إلى غرفته حتى فرَدَ المعطف, وكأنها تجسدت أمامه تلك الخرافية , كأنه يراها الأن وهي تتبختر بمعطف أبرز مفاتنها , بطلته التي نحتها بكلتا  يديه على الورق , كأن المعطف قد صُنع لها خصيصاً هي وحدها فقط , وضع المعطف بحذر على أريكته كأنه يحمل رضيعه الأول ويضعه في سريره الصغير . ووقف هنيهه يتابعه ويتأمله وكأنه فتن به , أبتعد عنه ببطأ إلى الوراء ولم يرفع ناظريه عنه حتى أقترب من سريره , فجلس قليلاً ثم مال بظهره الى الوراء شارداً ومستلقياً على السرير حتى ذهب بعيداً .. بعيداً حيث عالمه .. عالم الحكايات .
لي شئٌ يخصني عندك " هكذا فتح عينيه في وقت مبكر لم يعتاد ان يستيقظ فيه , انها العاشرة صباحاً وقد ذعر على طرق شديد ,ليفتح الباب فيجد حارس العمارة وبجوارة إمرآة فقط ...... هكذا هي امرآة , لا توصف بكلمة أخرى غير أنها امرآة , امرآة بكل ما تعنيه الكلمة .... دعاها للدخول وشكر الحارس , " أعتذر المكان لا يليق كما ترين" .... " لا يهم , لا يهم ولكن لي شئٌ يخصني عندك "
" ها ... ماذا تقصدين " ....... " هذا هو ... النائم على أريكتك" 
" هذا المعطف ... هو لكي "
" نعم هو لي "  وبدأت المرآة في رفع المعطف ولكنه سارع و اختطفه من بين يديها 
" ماذا هناك ... أليس من العيب أن تأخذ شيئاً ليس لك , أنك غريب الأطوار حقاً .. ماذا تفعل ياترى بمعطف نسائي كهذا"
.....
" أتعطيه لحبيبتك ؟ "
" ليس لي أحباب "
" إذن لماذا انت متمسك به هكذا ؟ "
" وكيف أعلم انه لكي ؟"
"هناك حيث الميدان ...ميدان واسع ورحيب يعج بالآلاف, هناك حيث اصدقاءك جميعاً , هناك حيث الشارع المظلم الذي كنت أجلس في نهايته على الرصيف "
ولماذا كنتي تبكين ؟
لا يخصك
" إذن لماذا تركتيه ؟ "
" جل من لا يسهو "
في أثناء ذلك الشد والجذب , كان المعطف يُسحب من بين يديه , ليستفيق فجأه وهي ترتديه , ليرى فيها بطلته التي تحولت فعلاً إلى حقيقة من الورق إلى كائن من لحم ودم , نعم إنها هي مجرة تدور في فلكها الشموس والكواكب والأقمار .
توالت اللقاءات هنا وهناك , كأنه أقتيد في طريق لا يعلم له آخر , طريق يُسمى مجازاً بالحب , أحب بطلته الجديدة , عرف النهار وعرف الميدان وعرف الحرية ,بالتأكيد لاحظ أصدقائه ومعارفه تغيراً ملحوظاً وغير متوقع أبداً, فلأول مرة يخبر أصدقائه أنه يعمل في عيادة لطبيب ليس مغموراً هناك عند أسوار القاهرة القديمة , كان يستيقظ مبكراً ليهجر الليل وكائناته الكئيبة , ليبدأ حكاية جديدة يصنعاها سوياً كأنها عجينة يشكلنها كما يحبان بالزعتر كانت أم بالنعناع , فنجان قهوة صباحية يقلبانه سوياً فتغمس أصبعها ليتذوق الحلاوة ويحدد .. مقطوعة موسيقية يؤلفان نوتة لها سوياً ويرقصان رقصتهما على آلحانها ، هما فقط . نسي المعطف وتعلق بصاحبته التي لايعلم من أين هبطت عليه , لم يستفهم ولم يسئل كثيراً , كأنها هدية من السماء لا يجوز السؤال لماذا ولا كيف بل عليه أن يتقبلها فقط .
وضع القلم أخيراً بعد أن أدرك الأن أنه تمرس في ترويض فرسته الجامحة , تمكن من الأحداث تمكناً تاماً , وأصبح يوجه الدفه أينما يشاء , نظر إلى الساعة التي قاربت على الرابعة عصراً , لتعلن عن قرب مجيئ المرأة ذات المعطف , يفكر كيف غيرت تلك المرآة  حياته من النقيض الى النقيض بدون أن يدري , سلبته عقله وفؤاده معاً حتى بات لا يفرق بين الواقع والخيال , بين مالمسه بيديه وما يدور في خيالاته.
ينظر في الساعة مرة أخرى ليكتشف أنها قاربت على منتصف الليل,ويكتشف فجأة أن المعطف مازال جاثياً بثقله على أريكته لم يتزحزح , أين بطلته وأين ...... 
يبدو ... يبدو أنه تاه في وسط النص في دوامة ..كأنها أحدى المجرات , نعم تلك المجرة التي تدور في فلكها الشموس والأحداث والكواكب والأقمار و الشخوص وكل شئ , إنها تلك المرأة , إنها تلك المجرة , هل أصبح هو الآخر يدور في فلكها بدون أن يشعر , جذبته في مدارها حتى أصبح واحداً من تلك الأشياء ... مجرد شئ , لم يصدق أنه أسر بتلك السهولة , فجأة وبدون مقدمات بات أسيراً لكائن خلقه بيديه .. شكله ونحته كتمثال آخر لأفروديت ... حمل المعطف بين يديه ونزل إلى الميدان باحثاً عنها ... إمرأة ... إمرأة بكل ما تعنيه الكلمة , لم يُدرك أنها لم تخلق بعد لم تخلق إلا في خيالاته , كان مازال مأسوراً بها هائماً على وجهه باحثا عنها بين الوجوه , رفع المعطف عالياً في وسط الميدان وأخذ يصرخ " لمن هذا المعطف ؟ "  ظنوه مجنوناً !  كان الجموع في وادي وهو في وادي آخر, لم يجدها ولن يجدها برغم أن داخله آمل أن يصحو على طرقات سريعة وعنيفة على الباب لتوقظه من نوم ثقيل ليسارع لفتح الباب ويجدها تأتي لتسترد معطفها الذي نسيته في أحد المرات السابقة .
ترك القلم وأحتضن المعطف وقرر أن يخرج من دائرة النص التي صنعها بنفسه وأُسر داخلها ... ليفتح الباب ويسمع من بعيد ضجة تحملها الرياح مصدرها ميدان واسع ورحيب يعج بالآلاف... ويقرر أن يترك نفسه للرياح علها تحمله إلى صاحبة المعطف الذي يحمله.

الحلقة السابعة (مصطفى سيف)

أحلام هانم



كانت أحلام تتفقد انحاء الميدان كانت تشعر ان كل اولئك الناس هي مسئولة عنهم وعن حياتهم كانت تشعر باهمية دورها كانت تدور في ارجاء الميدان ترى ما يحتاجه الناس وتحاول ان تطمئنهم
كانت تسير على اطراف الميدان تحاول التاكد من الامن فمرت في الشوارع المحيطة  وبينما هي تنظر حولها رأته في جانب الطريق معطف ثمين  ايقظ احلامها القديمة تذكرت كيف كان يبهرها مشاهد الهوانم في المسلسلات كم تمنت ان تصبح احدى هؤلاء الهوانم ترتدي ملابس غالية تقتني سيارة فارهة وتلبس حليا ثمينة كم تمنت رؤية جنيف وباريس وتلك المدن التي لا تسمع عنها الا في حصص الجغرافيا اوالافلام 
ولكنها كانت متوسطة الحال فوالدها موظف بسيط يوفر للاسرة القوت اليومي لكنه ليس غنيا
كانت كل يوم تنظر للمرآة تبحث عن مواطن جمال في وجهها  وتمني نفسها ان هذا اليوم قد تشاهد جمالا صارخا في محياها لكنها للاسف لا ترى ذلك التقدم نعم انها مقبولة الجمال فكل النساء جميلات ولكنها جميلة ذلك الجمال الهادىء النمطي لذلك فالامل بالنسبة لها ان تصبح هانما يكاد يكون منعدما فحياتها منطقية نمطية نعم ستتزوج نعم سيكون لديها اسرة لكنها لن تصبح هانما فليس هناك رجل اعمال يتزوج من امراة عادية ولا توجد هناك نجمة مشهورة متوسطة الجمال
لذلك سخطت على تلك الطبقة لضياع املها في الشهرة الى ان وجدت ضالتها حين كانت تشاهد احدى نشرات الاخبار رأت ناشطا حقوقيا فتمنت ان تكون مثله لتحول سخطها على الطبقات الغنية الى محاولة لنصرة المظلوم على الظالم قد لا يكون هدفها في البداية نبيلا
ولكنها بعد فترة من ذلك العمل وذلك النشاط الحقوقي حين رأت اقسام الشرطة وما يحدث فيها حين شاهدت الفساد المستشري  بعينيها بدأ قلبها يشعر بالم الناس وصراخهم بدأت تشعر بانينهم وصراخهم بدأت تشعر ان هناك هدفا اسمى من ان تصبح مجرد  هانم
لذلك كانت من اول الداعين الى تلك المظاهرات 
والآن بعد كل تلك الاعوام الصعبة تراه في جانب الطريق ترى معطفا لا يرتديه الا الهوانم فاستيقظ الحلم القديم بداخلها وانفجر بركان الطموح الدافىء في ليلة باردة وجدت نفسها بدون تردد ترتدي المعطف
آآآآآآه ما أحلاه من شعور  وما اجمله من دفء يعم  جوانحها تلك اليلة الشتوية الباردة تحولت الي ليلة ربيعية
موسيقى الدانوب الازرق لشتراوس في اذنيها تكاد ترقص فرحا تلك الموسيقى التي كانت حكرا على الهوانم في المسلسلات كأنها ترى دار الاوبرا امامها وكأن الهوانم وحدهم من يعرفون قيمة الاوبرا  قلبها اخيرا شعر بالبهجة الحلم القديم يتراءى في الآفاق
سارت بخيلاء الهوانم بين الحشود كان تريد ان تصعد الى المنصة ليرى الجميع معطفها الثمين ويرى الجميع الهانم التي اصبحت عليها انظروا اليَ انا هانم انظروا لمعطفي الثمين ابتسامتها تشرق وجهها وفرحتها تنير جبهتها كم هو جميل حين يتحقق احد الاحلام الصبا
عيونها الضاحكة تكاد تسخر من احوال اليائسين حولها فهي تعيش حياة الهوانم المتغطرسة
بزهو وتعالٍ تقدمت نحو المنصة دون ان تشعر فعقلها وقلبها تعلقا بحلم  ملك كل احاسيسها ولكنها استيقظت على صوت الهواء يمر سريعا بجوار اذنيها محدثا جلبة مخيفة ثم صوت تأوه وارتطام بالارض تلتفت  لترى احد الشباب يسقط صريعا خلفها بعد ان اصابت رصاصة جبهته
افاقت من حلمها على دماء الشهيد
بالرغم انها ليلة شتوية وبالرغم من برودة الجو الا انها تتصبب عرقا تشعر بالاختناق
ماذا حدث ؟
تقف مذهولة  لا تفهم ما يجري  فقط اختناق وشوك والم وعرق وشلل كم تود ان تجلس لكي تعيد فهم ما يحدث كم تريد مكانا هادئا ولكن ميدان التحرير يعج بالثوار
قادتها أقدامها دون شعور للخروج من الميدان  حتى وجدت شارعا خاليا من الناس  جلست تحدث نفسها عن الشهيد كيف مات وماذا كانت تفعل  ألم تكن تشعر بالمسئولية عن كل هؤلاء؟
ثم ماذا كان الوضع ان اخترقت تلك الرصاصة راسها هي؟ كانت ستحمل القابا عدة وشهرة كبيرة وكم كانت تحب الالقاب كانوا سيقولون الشهيدة البطلة الثائرة الناشطة محررة مصر أحلام  أليس هذا ما تحبينه وانتي امام نفسك مجرد فاشلة أعماها الحلم التافه عن الواقع المجيد اعماها السراب عن النهر الذي يجري تحت قدميها
دموع ونحيب واختناق وعرق يتصبب
العرق والدموع طعمهما مالح في ملوحة بحر لجي مظلم لسانها لا يتحمل الطعم وقلبها يقطر أسى على روح  رحلت عن الحياة بسببها
الاختناق يزداد والصدر ينقبض لا تستطيع ان تتنفس أخيرا انتبهت لما يجثم على صدرها
انه ذلك المعطف اللعين خلعته وألقته على جانب الطريق
ثم شرعت في العودة الى التحرير عازمة ألا تساوم على دم الشهيد حتى ولو بمعطف ثمين
عازمة على تحقيق حلمها الجديد وهو ان تسقط جاثية على ركبتيها تحت اقدام ام الشهيد طالبة منها ان تتقبلها ابنة لها حينها فقط ستشعر انها هانم

الحلقة السادسة ( ابراهيم رزق)

ألم أمل وأمل ألم


استيقظت امل على صوت اذان الفجر لقد تعودت على الاستيقاظ فجرا ليس لاداء الصلاة  التى طالما تمنت ان تؤديها و لكنها لم تتمكن من تعلمها او حتى طلب منها اى فرد اداء الصلاة قامت من على فراشها المتهالك بجوار امها و اخوتها و امسكت احدى صفائح السمن الكبيرة الفارغة و ذهبت الى الصنبور الرئيسى الموجود فى اخر الشارع غسلتها جيدا و ملئتها بالماء حملتها فوق راسها و رجعت الى منزلها الذى هو عبارة عن احدى الغرف الصغيرة من شقة بها حوالى عشر غرف بمنزل قديم متهالك كان عبارة عن اسطبل للخيول بحمام قديم مشترك بباب خشبى متهالك ملىء بالثقوب لا تستطيع الاستحمام بقليل من الحرية الا فى هذا الموعد وضعت الصفيحة على موقد غازى صغير و مع غليان الماء بدات ذكرياتها فى الغليان نظرت فى المرايا  المكسورة على الحائط المتهالك دون ان تتبين ملامح وجهها هى لم تتعدى الخامسة عشر لا تتذكر انها عاشت طفولة فهى  منذ كان عمرها ثلاث اعوام  و ربما قبل ذلك و هى بصحبة امها  فى الشارع التى تبيع المناديل مجرد اكسسوار تستخدمه امها لتجلب مزيدا من العطف و عندما بلغت سن السادسة  استقلت عن امها و بدات فى بيع المناديل بنفسها و فى المساء تمسك بعض الورود و الفل تبيعه للعاشقين على كورنيش النيل تأكل من استدرار عطف الناس بشرائهم المناديل و تتحايل على العشاق و تدعو لهم  و تتملق  المحب لاهداء حبيته عقد فل او وردة اما ايام الرخاء بالنسبة لها فهى يوم مباريات الكرة لمنتخب مصر لانها تبيع اعلام مصر ترفعها و تلوح بها بسعادة فهى مصدر رزقها و اكلها الذى تنتمى اليه و تسعى و تكد من اجله
اما اباها فلا تعلم عنه شىء يعمل ماسح احذية لا يزورهم الا على فترات متقطعة اذا كان فى حاجة لبعض الاموال لزوجته الثانية حملت صفيحة الماء الى الحمام و القت الماء فوق جسمها كانها تتطهر من ذكريات متسخة لا دخل لها بها نظرت الى عباءتها السوداء المنشورة على احدى الحبال كانها تنظر الى ماضيها القتها على جسمها و خرجت لتسعى من اجل رزقها 


مشت امل الى التحرير بخطوات سريعة تسبق خيوط الشمس التى تشرق مع الفجر فجاة وجدت  معطفا ملقى على الارض امسكت به و تلمسته نعم هى تعرفه طالما شاهدته و لكن من خلف زجاج سيارة شاهدته مرة و هو يستنكر وجودها و يستنكر ان تاكل و تشرب و شاهدته مرة اخرى و هو يعطف عليها و يمد لها يد المساعدة لكن ايضا من خلف هذا الزجاج و فى الحالتين شاهدته كسرعة البرق مشاهد خاطفة لكن لكثرة هذه المشاهد تجمعت تحولت الى فيلم سينمائى بائس يحكى اغلب مشاهد حياتها طبعا هى لم تحلم بمثل هذا المعطف ابدا او تحلم ان ترتديه لكن احلامها كانت ابسط من ذلك بكثير جدا ربما حلمت بسرير فى غرفة منفصلة بحمام منفصل ربما حلمت بسقف للغرفة يقيهم من المطر ربما زاد حلمها و حلمت بوردة من يد عاشق من الذين تبيع لهم الورود طوال حياتها عاشت تمسك الورود و قد تزبل فى يدها من طوال مدة مسكها لها و ترجع ببعض الورود الزابلة الى حجرتها تلقيها على الارض او فى القمامة و لكنها ابدا لم تمسك مثل هذه الوردة تمنت ان تحتضنها و تضعها فى صندوقها الورقى الذى تحفظ به بعض الاشياء التى تتخيل انها هامة كزجاجة عطر تركيب و تليفون محمول متهالك و فرشاة شعر و اصبع من احمر شفايف متواضع و خاتم ذهبى صغير اشترته من اموال جمعية اشتركت فيها مع اصدقائها

فرضت الشمس خيوطها و ازاح النهار الليل امسكت امل بالمعطف و لبسته فوق العباءة و بدات فى بيع المناديل و لكنها وجدت عيونا لم تراها فى حياتها من قبل عيونا تسخر منها و من منظرها و هى ترتدى المعطف الثمين فوق العباءة اشتدت الشمس فوق راسها و لم تبع حتى علبة واحدة من المناديل الكل يسخر منها و يضحك عليها كلما شاهدها و هى ترتدى المعطف على العباءة اشتد عليها الجوع  و اسدل الليل ستائره عليها نزلت دموعها مع ستائره من شدة الجوع احست بثقل المعطف على كتفيها كأن الجميع يستكثر عليها هدية السماء احست انها تغرق بداخله لا تستطيع التنفس تكاد ترتمى على الارض من شدة الجوع القت المعطف على الارض و ذهبت بخطوات متعبة الى المشتل و عادت الى التحرير امسكت بالفل و الورد تبيعه للعاشقين و تلاشى املها فى الحلم حتى بوردة العاشق

Blogger news

Blogroll

About